فصل: فصل الضمان في مرض الموت

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 فصل في كيفية الرجوع

فإن كان ما دفعه إلى رب الدين من وعلى صفته رجع به وإن اختلف الجنس فالكلام في المأذون في الاداء بلا ضمان ثم في الضامن أما الأول فالمأذون بشرط الرجوع أو دونه إن أثبتناه لو صالح على غير الجنس ففي رجوعه أوجه أصحها يرجع والثاني لا والثالث إن قال أد ديني أو ما علي رجع وإن قال أد ما علي من الدنانير مثلا فلا رجوع وإذا قلنا يرجع رجع بما سنذكر في الضامن إن شاء الله تعالى‏.‏

وأما الضامن إذا صالح على غير الجنس فيرجع بلا خلاف لأن بالضمان ثبت المال في ذمته كثبوته في ذمة الأصيل والمصالحة معاملة مبنية عليه ثم ينظر فإن كانت قيمة المصالح عليه أكثر من قدر الدين لم يرجع بالزيادة وإن لم تكن أكثر كمن صالح عن ألف بعبد يساوي تسعمائة فوجهان وقيل قولان أصحهما يرجع بتسعمائة والثاني بالألف ولو باعه العبد بألف ثم تقاصا رجع بالألف بلا خلاف ولو قال بعتك العبد بما ضمنته لك عن فلان ففي صحة البيع وجهان فإن صححنا فهل يرجع بما ضمنه أم بالأقل مما ضمنه ومن قيمة العبد وجهان قلت المختار الصحة وأنه يرجع بما ضمنه والله أعلم‏.‏

أما إذا اختلفت الصفة فإن كان المؤدى خيراً بأن أدى الصحاح عن المكسرة لم يرجع بالصحاح وإن كان بالعكس ففيه الخلاف المذكور في خلاف الجنس وعن الشيخ أبي محمد القطع بالرجوع‏.‏

فرع في مسائل تتعلق بالرجوع إحداها ضمن عشرة وأدى خمسة وأبرأه رب المال عن الباقي لم يرجع إلا بالخمسة المغرومة وتبقى الخمسة الأخرى على الأصيل ولو صالحه من العشرة على خمسة لم يرجع إلا بالخمسة أيضاً لكن يبرأ الضامن والأصيل عن الباقي‏.‏

الثانية ضمن ذمي لذمي دينا على مسلم ثم تصالحا على خمر فهل يبرأ المسلم لأن المصالحة بين ذميين أم لا كما لو دفع الخمر بنفسه وجهان فإن قلنا بالأول ففي رجوع الضامن على المسلم وجهان لأن ما أدي ليس بمال إلا أنه أسقط الدين‏.‏

قلت الأصح لا يبرأ ولا يرجع والله أعلم‏.‏

الثالثة‏:‏ ضمن عن الضامن آخر وأدى الثاني فرجوعه على الأول كرجوع الأول على الأصيل فيراعى الإذن وعدمه وإذا لم يثبت له الرجوع على الأول لم يثبت بأدائه للأول الرجوع على الأصيل إذا وجد شرطه فلو أراد الثاني أن يرجع على الأصيل ويترك الأول نظر إن كان الأصيل قال له اضمن عن ضامني ففي رجوعه عليه وجهان كما لو قال لإنسان أد ديني وليس كما لو قال أد دين فلان حيث لا يرجع قطعاً على الآمر لأن الحق لم يتعلق بذمته وإن لم يقل له اضمن عن ضامني فإن كان الحال لا يقتضي رجوع الأول على الأصيل لم يرجع الثاني عليه وإن اقتضاه فكذلك على الأصح لأنه لم يضمن عن الأصيل ولو أن الثاني ضمن عن الأصيل أيضاً فلا رجوع لأحد الضامنين على الآخر وإنما الرجوع للمؤدي على الأصيل ولو ضمن عن الأول والأصيل معا فأدى فله أن يرجع على أيهما شاء وأن يرجع على هذا بالبعض وعلى ذاك بالبعض ثم للأول الرجوع على الاصيل بما غرم بشرطه‏.‏

الرابعة على زيد عشرة ضمنها اثنان كل واحد خمسة وضمن كل واحد عن الآخر فلرب المال مطالبة كل واحد منهما بالعشرة نصفها عن الاصيل ونصفها عن الآخر فإن أدى أحدهما العشرة رجع بالنصف على الأصيل وبالنصف على صاحبه وهل له الرجوع بالجميع على الاصيل إذا كان لصاحبه الرجوع عليه لو غرم فيه الوجهان وإن لم يؤد إلا خمسة نظر هل أداها عن الأصيل أو عن صاحبه أو عنهما ويثبت الرجوع بحسبه‏.‏

الخامسة‏:‏ ضمن الثمن فهلك المبيع له أو وجد به عيبا فرده أو ضمن الصداق فارتدت المرأة قبل الدخول أو فسخت بعيب نظر إن كان ذلك قبل أن يؤدي الضامن برىء الضامن والأصيل وإن كان بعده فإن كان بحيث يثبت الرجوع رجع بالمغروم على الأصيل وضمن رب الدين للأصيل ما أخذ إن كان هالكاً وإن كان باقياً رده بعينة وهل له إمساكه ورد بدله فيه الخلاف المذكور فيما إذا رد المبيع بعيب وعين دراهمه عند البائع فأراد إمساكها ورد مثلها والاصح المنع وإنما يغرم للأصيل دون الضامن لان في ضمن الاداء عنه إقراضه وتمليكه إياه وإن كان بحيث لا يثبت للضامن الرجوع فلا شيء له على الاصيل ويلزم المضمون له رد ما أخذ وعلى من يرد فيه الخلاف فيمن تبرع بالصداق وطلق الزوج قبل الدخول وسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى‏.‏

السادسة‏:‏ أدى الضامن الدين ثم وهبه رب الدين له ففي رجوعه على الأصيل وجهان بناء على القولين فيما لو وهبت الصداق للزوج ثم طلقها قبل الدخول قلت الأصح الرجوع والله أعلم‏.‏

السابعة‏:‏ لرجل على رجلين عشرة وضمن كل واحد ما على الآخر فلرب الدين أن يطالبهما ومن شاء منهما بالعشرة فإن أداها أحدهما برئا جميعاً وللمؤدي الرجوع بخمسة على صاحبه إن وجد شرط الرجوع وإن أدى كل واحد خمسة عما عليه فلا رجوع وإن أدى عن الآخر جاء خلاف التقاص وإن أدى أحدهما خمسة ولم يؤد الآخر شيئاً فإن أداها عن نفسه برىء مما عليه وبقي على صاحبه ما كان عليه والمؤدي ضامن له وإن أداها عن صاحبه رجع بها عليه وبقي عليه ما كان عليه وصاحبه ضامن له وإن أداها عنهما فلكل نصف حكمه وإن أدى ولم يقصد شيئاً فهل يقسط عليهما أو يقال اصرف إلى ما شئت وجهان سبق نظيرهما في آخر الرهن ومن فوائدهما أن يكون بنصيب أحدهما رهن فإن قلنا له صرفه فصرفه إلى ما به الرهن انفك وإلا فلا ولو قال المؤدي أديت عما علي فقال القابض بل عن صاحبك صدق المؤدي بيمينه فإذا حلف برىء مما عليه لكن لرب الدين مطالبته بخمسة على الصحيح لأن عليه خمسة أخرى إما بالأصالة وإما بالضمان وفي وجه لا مطالبة له لانه إن طالبه عن الاصالة فالشرع يصدق المؤدي في البراءة منها وإن طالبه بالضمان فرب الدين معترف بأنه أدى عنه وإن أبرأ رب الدين أحدهما عن جميع العشرة برىء أصلا وضمانا وبرىء الآخر من الضمان دون الاصل وإن أبرأ أحدهما عن خمسة نظر إن أبرأ عن الاصل برىء عنه وبرىء صاحبه عن ضمانه وهي عليه ضمانة ما على صاحبه وإن أبرأه عن الضمان وبرىء عنه وبقي عليه الأصيل وبقي على صاحبه الأصل والضمان وإن أبرأه عن الخمسة من الجهتين جميعاً سقط عنه نصف الأصل ونصف الضمان وعن صاحبه نصف الضمان وبقي عليه الأصل ونصف الضمان فيطالبه بسبعة ونصف ويطالب المبرأ بخمسة وإن لم ينو عند الابراء شيئاً فهل يحمل على النصف أم يخير ليصرف إلى ما شاء فيه الوجهان ولو قال أبرأت عن الضمان فقال المبرأ بل عن الأصل فالقول قول الثامنة‏:‏ ادعى أن له على زيد وعلى غائب ألفاً باعهما به عبدا قبضاه أو عن جهة أخرى وأن كل واحد منهما ضمن ما على الآخر وأقام بذلك بينة فأخذ الألف من زيد نص أنه يرجع على الغائب بنصف الألف قال الجمهور هذا إذا لم يكن وجد من زيد تكذيب للبينة فإن كان لم يرجع لأنه مظلوم بزعمه فلا يطالب غير ظالمه وهذا هو الأصح وقال ابن خيران يرجع وإن صرح بالتكذيب لأن البينة أبطلت حكم إنكاره‏.‏

فرع جميع ما سبق من رجوع المأذون له في الأداء والضامن على مفروض فيما إذا أشهد على الاداء رجلين أو رجلاً وامرأتين فلو أشهد واحداً اعتماداً على أنه يحلف معه أو أشهد مستورين فبانا فاسقين كفى ذلك على الأصح ولا يكفي إشهاد من يعلم سفره عن قرب لأنه لا يفضي إلى المقصود أما إذا أدى بلا إشهاد وأنكر رب المال فإن أدى في غيبة الأصيل فمقصر فلا يرجع إن كذبه الأصيل قطعاً وكذا إن صدقه على الأصح وهل يحلف الأصيل إذا كذبه قال في التتمة يبنى على أنه لو صدقه هل يرجع عليه إن قلنا نعم حلفه على نفي العلم بالاداء وإلا بني على أن النكول ورد اليمين كالاقرار أم كالبينة إن قلنا كالاقرار لم يحلفه لأن غايته أن ينكل فيحلف الضامن فيكون كتصديقه وذلك لا يفيد الرجوع وإن قلنا كالبينة حلفه طمعاً في أن ينكل ويحلف فيكون كالبينة ولو كذبه الأصيل وصدقه رب المال رجع على الأصح لسقوط المطالبة فإنه أقوى من البينة وأما إذا أدى بحضور الاصيل فيرجع على الصحيح المنصوص ولو توافق الأصيل والضامن على أنه أشهد ولكن مات الشهود أو غابوا ثبت الرجوع على الصحيح وقيل لا وهو شاذ ضعيف ولو قال الضامن أشهدت وماتوا وأنكر الأصيل الاشهاد فهل القول قول الأصيل لأن الاصل عدم الإشهاد أو قول الضامن لأن الاصل عدم التقصير وجهان أصحهما الأول ولو قال أشهدت فلانا وفلانا فكذباه فهو كما لو لم يشهد ولو قالا لا ندري ربما نسينا ففيه تردد للإمام ومتى لم تقم بينة بالأداء وحلف رب المال بقيت مطالبته بحالها فإن أخذ المال من الأصيل فذاك وإن أخذ من الكفيل مرة أخرى فقيل لا يرجع بشيء والأصح أنه يرجع وهل يرجع بالمغروم أولا لانه مظلوم بالثاني أم بالثاني لانه المسقط للمطالبة وجهان قلت ينبغي أن يرجع بأقلهما فإن كان الأول فهو يزعم أنه مظلوم بالثاني وإن كان الثاني فهو المبرىء فهو المبرىء ولأن الاصل براءة ذمة الاصيل من الزائد والله أعلم‏.‏

 فصل الضمان في مرض الموت

إذا كان بحيث يثبت الرجوع ووجد الضامن مرجعاً فهو محسوب من رأس المال وإن لم يثبت الرجوع أو لم يجد مرجعاً لموت الأصيل معسراً فمن الثلث ومتى وفت تركة الاصيل بثلثي الدين فلا دور لان صاحب الحق إن أخذه من ورثة الضامن رجعوا بثلثيه في تركة الاصيل وإن أخذ تركة الأصيل وبقي شيء أخذه من تركة الضامن ويقع تبرعاً لأن ورثة الضامن لا يجدون مرجعاً وإن لم تف التركة بالثلثين فقد يقع الدور كمريض ضمن تسعين ومات وليس له إلا تسعون ومات الأصيل وليس له إلا خمسة وأربعون فرب المال بالخيار إن شاء أخذ تركة الأصيل كلها ولا دور حينئذ ويطالب ورثة الضامن بثلاثين ويقع تبرعاً إذ لم يبق للأصيل تركة يرجع فيها وإن أراد الاخذ من تركة الضامن لزم الدور لأن ما يغرمه ورثة الضامن يرجع إليهم بعضه لأن المغروم صار دينا لهم على الاصيل فيتضاربون به مع رب المال في تركة الاصيل ويلزم من رجوع بعضه زيادة التركة ومن زيادة التركة زيادة المغروم ومن زيادة المغروم زيادة الراجع‏.‏

وطريق استخراجه أن يقال يأخذ رب المال من ورثة الضامن شيئاً ويرجع إليهم مثل نصفه لان تركة الأصيل نصف تركة الضامن فيبقى عندهم تسعون إلا نصف شيء وهو يعدل مثلي ما تلف بالضمان والتالف نصف شيء ومثلا شيء فاذا تسعون إلا نصف شيء يعدل شيئاً وإذا جبرنا وقابلنا عدلت تسعون شيئاً ونصفا فيكون الشيء ستين فبان أن المأخوذ ستون وحينئذ يكون الستون ديناً لهم على الاصيل وقد بقي لرب المال ثلاثون فيتضاربون في تركته بسهمين وسهم وتركته خمسة وأربعون يأخذ منها الورثة ثلاثين ورب الدين خمسة عشر ويتعطل باقي دينه وهو خمسة عشر ويكون الحاصل للورثة ستين ثلاثين بقيت عندهم وثلاثين أخذوها من تركة الاصيل وذلك مثلا ما تلف ووقع تبرعا وهو ثلاثون ولو كانت المسألة بحالها لكن تركة الأصيل ثلاثون فيأخذ رب الدين شيئاً ويرجع إلى ورثة الضامن مثل ثلثه لأن تركة الاصيل ثلث تركة الضامن فيبقى عندهم تسعون ناقصة ثلثي شيء تعدل مثلي التالف بالضمان وهو ثلثا شيء فمثلاه شيء وثلث فإذن تسعون إلا ثلث شيء يعدل شيئاً وثلثا فإذا جبرنا وقابلنا عدلت تسعون شيئين فيكون الشيء خمسة وأربعين وذلك ما أخذه رب الدين وصار ديناً لورثة الضامن على الأصيل وبقي لرب الدين عليه خمسة وأربعون أيضاً فيتضاربون في تركته بسهم وسهم فتجعل بينهما مناصفة ولو كانت تركة الاصيل ستين فلا دور بل لرب الدين أخذ تركة الضامن كلها ثم هم يأخذون تركة الأصيل كلها بحق الرجوع ويقع الباقي تبرعاً قلت وهذه مسائل منثورة تتعلق بالضمان وترك بياضاً في الأصل‏.‏